هناك لفتة جميلة احب الحديث عنها
يهتم المستثمرون دائما بوضع الخطط لاستثماراتهم و هذا شيء صحي و مهم
فتجدهم دائما يكتبون لائحة بافضل الاسهم للاستثمار و قائمة بافضل انواع الاستثمار و قائمة اخرى بافضل الكتب و المؤلفات عن الاستثمار و هكذا و لا عيب في ذلك ابدا
و لكن يجب علينا بجانب هذه القوائم وضع قوائم اخرى لا تقل اهمية بل يعتبرها البعض في المرتبة الاولى
هذه القوائم توضح مفهوم العنوان “ما الذي يجب علينا تجاهله و تجنبه؟“

اذا قمنا بتطبيقها على نفس المفهوم سنجد عندنا مثلا: قائمة بالاسهم التي يجب الا استثمر فيها في الوقت الحالي او عدم التفكير فيها ابدا و قائمة اخرى بأنواع للاستثمارات يجب الابتعاد عنها في الوقت الحالي و قائمة ثالثة بالمؤلفات و الكتاب و اصحاب الرأي الذين يجب تجاهلهم و عدم الاخذ برأيهم و هكذا دواليك
قال دانيال بينك استاذ علم النفس في مقال حديث له “من أهم الامور في عصرنا الحالي هي اختياراتك للامور التي سوف تتجاهلها و تتركها و لا تضيع وقتك بها و هذه الاختيارات أهم و أكبر من اختياراتك للامور التي تهتم بها و تشغل نفسك بتعلمها و قراءتها و الاستثمار فيها باموالك”
الوقت ثمين و قصير و يجب ان ينظم بحرفية عالية و نحن في عصر التواصل الاجتماعي الرهيب و حالة الانفجار المعلوماتي في كل مكان
و ذلك يحتم علينا ان نكون انتقائيين بطريقة شديدة و متطرفة لحماية وقتنا و آراءنا و خبرتنا التي لم نكتسبها بسهولة بل عبر التجارب الطويلة و الصعبة و المكلفة ايضا
فكما أنه لا يصح تضييع الوقت في اللعب أو مشاهدة فيديوهات التيكتوك و صور الانستجرام و كل هذه الترهات
لا يصح ايضا متابعة كل ما ينشر و كل ما يتم التعليق به على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا في عالمنا العربي و بالاخص في وقتنا الحالي
لذا يجب علينا تكوين قائمة تشمل الصحف و الصفحات و التجمعات و التى تقوم وظيفتها على تشتيت الاراء و تضم القائمة ايضا من يشاركون و يكررون انتاج هذه الصحف سواء كانوا من المشهورين او غيرهم و تضم كذلك اي شخصية تحاول نقاشك او اقناعك بما في هذه المنشورات المشبوهة و تقوم بتكرارها؛ اعلم انها ستكون قائمة طويلة
يتميز وقتنا الذي نعيش فيه بأمر طريف قديم و لكنه تم استحداثه من جديد الا و هو: استحلال الكذب
فتجد الناس حاليا يستحلون الكذب و الخداع و لا ينفرون منه كما كانوا قديما
بل تجدهم يضعون أسبابا تبدو منطقية دعتهم لهذا الكذب
فمثلا تجد من يكذب و يكرر منشور او بوست كاذب جملة و تفصيلا و هو يعلم بذلك و لكنه يعتقد و يؤمن ان نشره في صالح البلاد و من أجل حمايتها!
و اخر يختلق اي كذبة اخرى و قلبه مطمئن لانه يعتقد انه يحمي استثماره و أسهمه من الهبوط!
بل وصل الامر ان هناك من يكذب و يدعي يوجود معجزة في بعض الصور المفبركة و هو يعلم تماما بفبركتها و ربما يكون هو الفنان الذي فبركها و لكنه يؤمن بأهمية ذلك تقوية أو حماية لدينه و ما يؤمن به و توسيع ملكوت الله في الارض!
الموضوع مهم و كما قالوا ليس كل نقاش بناء بل هناك نقاش هادم، نعم هادم لوقتك الثمين و عقلك و طريقة تفكيرك و خبراتك الطويلة و اموالك بالطبع
و ينتهى الكذب دائما نهاية مأساوية لصاحبه، حيث يبدأ الأمر بكذبة هو يعلم بشأنها ثم يكررها حتى ينتهي به الامر انه يصدقها بنفسه و يعتبرها حقيقة كاملة و يكون بذلك بدأ بالكذب على الاخرين و خداعهم و انتهي به الطريق بخداع نفسه بنفسه و تكون معيشته و تفكيره قائم على مجموعة من الاوهام، كذلك حال الكذب دائما طريقا دائريا يصل اوله بآخره!
و لتوضيح الفكرة اكبر يمكنك الان الابحار في وسائل التواصل الاجتماعي و انت مسلح بورقة و قلم لتبدأ في تكوين قائمتك و المفهوم ماثل في رأسك و سترى ما اعنيه بوضوح خاصة في هذه الايام
و انظر بنفسك الى ما ينشر و يكرر و يشارك بكثافة حاليا حول الدولار و الذهب و الاسهم – كمثال و ليس كحصر – و اقرأ ما يتم نشره كبيانات رسمية – او غير رسمية – و ابدأ بتكوين قائمتك وخذ وقتك لانها قائمة ثمينة و هامة
و الآن علمت ما الذي عليك ان تتجنبه و تتجاهله لتريح بالك و تجعل به فسحة اكبر للتفكير الجاد المثمر لحياتك و أموالك


